الثلاثاء، 13 أكتوبر 2015

الأطفال والمراهقون ووسائل الأعلام




الأطفال والمراهقون ووسائل الأعلام
بقلم الباحث / عباس سبتي
سبتمبر 2015

     تقرير الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال عن أثر وسائل الأعلام بما في ذلك التلفاز والوسائل الجديدة ( الهواتف المحمولة ، الآيباد ، ومواقع الانترنت الاجتماعية ) على حياة الأطفال والمراهقين ، وعلى الرغم من أن التلفاز هو الجهاز المرغوب لدى هؤلاء الأطفال والمراهقين فأن وسائل الأعلام الجديدة تزداد شعبيتها عندهم ويزداد القلق بشان الآثار الضارة لهذه الوسائل على جيل الطلاب مع الاعتراف بالآثار الإيجابية أيضا ، ويجب أن يسأل الأطباء عند زيارة الطفل إلى العيادة كم يقضي الطفل أو المراهق أمام الشاشة يومياً ؟ هل يوجد جهاز التلفاز  أو الكمبيوتر في غرفة الطفل أو المراهق ؟ ويجب تشجيع أولياء الأمور بوضع خطة استخدام الأسرة لوسائل الأعلام ، لذا يجب دراسة الآثار السلبية لأجهزة التكنولوجيا على الأطفال والمراهقين من قبل المدارس ، صناع القرار ، المنتجين للأغذية والتسلية .

     على الرغم من أن وسائل الأعلام ليست السبب الرئيس في أية مشكلة صحية بالولايات المتحدة ، لكن الدليل يبين أن هذه الوسائل تسهم بشكل كبير في العديد من المخاطر الصحية لدى الأطفال والمراهقين ويتعلمون العادات السيئة ، وصحيح أن هذه الوسائل تساعدهم على الحصول على المعرفة والتواصل إلا أن على الجميع التعاون في الحد من مخاطر هذه الأجهزة والتقليل من استخدامها من قبل الأطفال والمراهقين وغيرهم .

     وفقاً لدراسة حديثة فأن معدل ما يقضيه الأطفال بين أعمار (8-10 سنين ) هو (8) ساعات في اليوم أمام أجهزة التكنولوجيا ، والأطفال الأكبر سناً والمراهقين يقضون بمعدل (11) ساعة يومياً ، ووجود جهاز التلفاز في غرف نوم الأطفال والمراهقين يزيد من معدل هذه الساعات حيث أفاد (71%) من الأطفال والمراهقين أن لديهم جهاز التلفاز في غرفة النوم ، لذا يقضي الأطفال والمراهقين وقتهم أمام هذه الأجهزة بالمنزل أكثر ما يقضونه في المدرسة وهذا يجعلهم في يقظة و نشاط زائد طوال الليل بدلاً من النوم .  

     بالإضافة إلى هذا الوقت ، فما تغير بشكل كبير هو مجال الأجهزة ، فالتلفاز يبقى هو معدله السائد ( 4 ساعات في اليوم ) لكن ثلث برامج التلفاز تعرض على الأجهزة البديلة ( الكمبيوتر ، الآيباد أو الهواتف المحمولة )  ، وتقريبا معظم الأطفال والمراهقين يستخدمون الانترنت (84%) وثلث عددهم يستخدمون الانترنت في غرف نومهم ، ويقضي الأطفال والمراهقون ساعة ونصف الساعة أمام الكمبيوتر يومياً ، ونصف عددهم يدخلون مواقع التواصل الاجتماعي ، ممارسة الألعاب الالكترونية ومشاهدة مقاطع الفيديو ، و(75%) ممن أعمارهم بين (12-17 سنة ) يمتلكون الهواتف المحمولة وهي أكبر من نسبة (45%) عام 2004 ، وتقريبا أكثر المراهقين (88%) يستخدمون الرسائل النصية " text messaging " ويتحدث المراهقون عبر هواتفهم المحمولة من بقية الفئات العمرية عدا الكبار البالغين ، لكن في ثلاثة الشهور الأولى لعام 2011 المراهقون بين أعمار (13-17 سنة ) أرسلوا بمعدل (3364) نصاً مكتوباً كل شهر ، ونصف عدد المراهقين أرسلوا (50 ) رسالة نصية في اليوم الواحد ، وثلث عددهم أرسل (100) رسالة نصية كل يوم ، ويدخل المراهقون مواقع التواصل الاجتماعي عبر هواتفهم المحمولة ، وحسب تقرير الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال فأن الشبكات الاجتماعية خصوصاً فيسبوك تعرض المخاطر المحتملة على المراهقين ويمارسون عدة المهام وغالباً يستخدمون عدة أجهزة في وقت واحد لكن هذه المهام غير فاعلة ، على سبيل المثال استخدام الهاتف المحمول أثناء قيادة السيارة يؤدي إلى مخاطر الطرق .

     على الرغم من وقت استخدام أجهزة التكنولوجيا فأن قليلاً من أولياء الأمور لديهم قواعد وشروط استخدام أولادهم هذه الأجهزة ، ففي دراسة حديثة أفاد ثلثا عدد الأطفال والمراهقين عدم وجود قواعد لوقت استخدام هذه الأجهزة ، وكثير من الأطفال والمراهقين يشاهدون الأفلام المعروضة في الانترنت والتلفاز ودور المسرح والسينما وأكثرها ذات محتوى غير مناسب لسنهم ، وهناك (60%) من المراهقين يرسلون أو يستلمون الرسائل النصية في خفية ليلاً عن والديهم وأفادوا أنهم يعانون قلة النوم والإرهاق بالمدرسة  ، وأشارت دراسة أخرى أن (20%) من المراهقين يرسلون أو يستلمون محتوى إباحي وجنسي عبر الهاتف المحمول المرتبط بالانترنت .      

     منذ ما يقرب ثلاثة عقود أعربت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP ) قلقها بشأن الوقت الذي يقضيه الأطفال والمراهقون أمام المواقع الاجتماعية وما تعرضه من المحتوى غير اللائقة لهم ، وصرحت الأكاديمية قلقها بشان العنف الالكتروني ، السمنة ، الجنس ، تعاطي المخدرات و الموسيقا الصاخبة ، وطالبت الأكاديمية  الساسة مناقشة استخدامات الانترنت الإيجابية والاجتماعية والحاجة إلى التربية الإعلامية في المدارس وفي المنزل ، ومشاهدة برنامج " شارع سمسم ،   Sesame Street " يساعد الطلاب تعلم الحروف والأرقام ، كذلك تستطيع المواقع الاجتماعية تعليمهم التعاطف والتسامح الطائفي والعرقي وتنمية مهارات العلاقات الشخصية ، وقد تساعد هذه المواقع على تنمية روح المساعدة والمبادرة عبر كلمات الأغنية والحصول على المعلومات الصحية في مرحلة المراهقة عبر يوتيوب والحملات بخصوص سلبيات كتابة الرسائل النصية أثناء القيادة والسير   .

توصيات لأطباء الأطفال ومقدمي الرعاية الصحية :
-   تعلم سلبيات استخدام المواقع الاجتماعية ( العنف ، الجنس ، السمنة تعاطي المواد الكحولية والمخدرة مع استمرار تعليم البرامج التعليمية .

-   طرح أسئلة وتقديم مشورة للأسر في كل زيارة لها : كم وقتاً يستغرقه الطفل أمام الشاشة يومياً  ؟ هل هناك جهاز التلفاز أو أي أجهزة تكنولوجية محمول  ( كمبيوتر ، آيباد ، هاتف محمول )  في غرفة المراهق ؟ وتشير الأدلة البحثية أن وجود هذه الأجهزة في غرف نوم الأطفال والمراهقين يسهم في السمنة وتعاطي المواد السامة ومشاهدة الأفلام الإباحية .

-   معرفة الآثار السلبية لأجهزة التكنولوجيا على الأطفال والمراهقين الذين يعانون من سلبياتها : السمنة ، استخدام التبغ والكحول والمخدرات والمشكلات الدراسية .

يوصي أطباء الأطفال نصائح لأولياء الأمور :
-         الحد من استخدام  وقت الشاشة بين ساعة وساعتين في اليوم الواحد .

-         عدم استخدام الأطفال دون السنتين أجهزة التكنولوجيا .

-         وضع التلفاز وبقية أجهزة التكنولوجيا خارج غرف نوم الأطفال والمراهقين .

-          دراسة عادات استخدام أجهزة الأعلام للأسر لمعرفة مدى التزامها بتوصيات الأكاديمية الأمريكية .

-   مشاهدة برامج التلفاز والأفلام وأشرطة الفيديو المتعلقة بالأطفال والمراهقين من أجل مناقشة الأسرة عن دورها في تربية الأولاد .

-   نموذج الأبوة الفعال من خلال وضع خطة لاستخدام الأسرة لمواقع الانترنت وكجزء من الخطة فرض وقت تناول الطعام ووقت النوم وحظر لأجهزة التكنولوجيا مثل الهواتف المحمولة ، ووضع قواعد معقولة وحازمة بشان الهواتف المحمولة ، الرسائل النصية ، الانترنت واستخدام المواقع الاجتماعية   

توصيات للمدارس :
     أطباء الأطفال خصوصاً الذين يقومون بدور استشاري إلى المدارس لهم أصوات مؤثرة في المدارس والحي مع تشجيع فريق طبي يعمل في المدرسة والأسرة والحي لذا يقوم أطباء الأطفال :

-   تثقيف المجالس المدرسية  ومدراء المدارس بشأن المخاطر الصحية لاستخدام الأطفال والمراهقين  أجهزة التكنولوجيا غير المراقبة ، والحد من هذه المخاطر مثل منع العنف والتربية الجنسية وبرامج الوقاية من تعاطي المخدرات .

-   تشجيع استمرار برامج التعليم عبر وسائل الأعلام أو البدء في تنفيذ البرامج الإعلامية التي لا توجد في إعدادات الأجهزة الالكترونية .

-   تشجيع استخدام التكنولوجيا المبتكرة التي لا تستخدمها المدارس  مثل برامج التربية عبر الانترنت للأطفال  .

-   التعاون مع مجالس المعلمين وأولياء الأمور بشأن الحد من وقت استخدام الأجهزة ومدى مناسبتها للفئة العمرية للطلاب ، والإضافة إلى استخدام أجهزة التكنولوجيا مثل الآيباد والحاجة إلى وضع قواعد صارمة لسلامة الاستخدام .

     تعاون أطباء الأطفال مع الأكاديمية الأمريكية في الطعن بصناعة الألعاب والتسلية من خلال :

-   إقامة حوار مفتوح مع المنظمات الصحية مثل الأكاديمية الأمريكية والجمعية الطبية الأمريكية والرابطة الأمريكية لعلم النفس وجمعية الصحة العامة الأمريكية  بشأن المحتوى الاجتماعي الإيجابي لأجهزة التكنولوجيا والتقليل من الآثار الضارة مثل : التدخين والعنف والجنس .

-         صناعة أفلام خالية من التدخين .

-         تسويق المنتجات الخاصة بالأطفال والمراهقين والشباب التي لا تضرهم .

-         إنشاء قاعدة من البيانات والدراسات لمخاطر الانترنت .

-         تشجيع صناعة أدوات الترفيه والإعلان لإيجاد برامج اجتماعية وتقييمها آثارها على الأطفال والمراهقين .

-         الحد من الإعلانات التجارية بخصوص الوجبات السريعة .

-         تخصيص رأس مال وتمويل مستمر لإجراء البحوث بشأن مخاطر أجهزة التكنولوجيا .

-         سن التشريعات لحظر الإعلان عن المواد الكحولية عبر التلفاز .

-         التعاون مع وزارة التربية والتعليم لدعم وتنفيذ مناهج التربية الإعلامية بالمدارس .


المصادر :
Rideout V
. Generation M2: Media in the Lives of 8- to 18-Year-Olds.Menlo Park, CA: Kaiser Family Foundation; 2010
Strasburger VC, 
Jordan AB, 
Donnerstein E
. Health effects of media on children and adolescents. Pediatrics. 2010;125(4):756767
American Academy of Pediatrics, Council on Communications and Media
.Policy statement: sexuality, contraception, and the media. Pediatrics.2010;126(3):576582


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق