الأحد، 21 سبتمبر 2014

إدمان استخدام أجهزة التكنولوجيا





إدمان استخدام أجهزة التكنولوجيا
الباحث / عباس سبتي

     إدمان استخدام التكنولوجيا مشكلة متنامية ، وإذا كنا بالغين ( كبار ) لا نستطيع السيطرة على استخدامانا لأجهزة التكنولوجيا فكيف يمكننا أن نتوقع أن أطفالنا  لا يغروا  وينجروا وراء هذا السلوك ؟ أفاد الخبراء النفسيين أن مشكلة هذا الإدمان ليس بأجهزة التكنولوجيا وإنما هي من الناس المستخدمين لهذه الأجهزة ، الناس الذين لديهم استعداد لهذا الإدمان بأنواعه ، والأشخاص الذين لديهم مشكلات مع الانضباط الذاتي .

     إذا قلت لنفسك : "  أريد فقط الاطلاع على هذه الرسالة فقط " ، لكن  ما زلت ساعات وأنت تنظر إلى شاشة الجهاز  تبحث في فيسبوك ، تويتر  فأنت تعاني من مشكلة ، قال أحد الأطباء النفسانيين : الإغراء المستمر الذي يحصل لنا ونحن نطلع على الرسائل او المواقع الاجتماعية يجلب معه " ضربة الدوبامين ،  dopamine hit  "  التي تصبح رغبة مستمرة في استمرار الفعل إذا لم تقف هذه الرغبة .

     ليس هناك من شلك  أننا بحاجة إلى الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر نتيجة لظروف العمل أو حتى مسايرة ثقافة العصر ، كللك ليس هناك شك في أن هذه الأجهزة التي تستخدم بشكل صحيح تجعل حياتنا في يسر وراحة وحل للمشكلات التي تواجهننا ، ولكن لسوء استخدامها تخلق لنا مشكلات  أيضا مثل أي شيء الاعتدال هو مطلوب ، فلا نجعل أنفسنا تعتمد على هذه الأجهزة والتي تأخذ كل مناحي حياتنا . كيف تعرف إذا كنت تستخدم هذه الأجهزة أكثر من اللازم ؟
     د. Kimberly Young مديرة مركز إدمان الانترنت تقول : الاستخدام أكثر من اللازم  يختلف من شخص وآخر مثل شرب الكحول يختلف الناس في الكمية التي يشربونها ، فبينما يدمن بعض من خلال الانخراط في عادات الشرب ، هناك من لا يدمن ، وهذا الشيء ينطبق على استخدام أجهزة التكنولوجيا  ، وتضيف الدكتورة : نحن نركز على الآثار والأعراض الناجمة من علاقة الشخص بشبكة الانترنت .

     توصي الدكتورة المذكورة بأخذ  لحظة تأمل صادقة  فيما إذا كانت هذه الأجهزة تسيطر عليك ومدى اعتمادك عليها ، أو فيما إذا كنت تسيطر على استعمالك لها فتتركها بجانب وتتجاهلها ، وتهتم بشئون أسرتك ؟ ومعرفة او تحديد بصدق وموضوعية  كيف يؤثر هاتفك او أي جهاز آخر  على علاقاتك ، وعلى مستوى الإجهاد النفسي والبدني وعلى وقت الأسرة وعلى كفاءة العمل ، في عصرنا الحالي لا يمكن إقلال وقت استخدام هذه الأجهزة  لأنها تجعل الاتصال والتعامل سهل بكثير ، وتوصي الدكتورة بإتباع طرق سليمة لاستخدام هذه الأجهزة من خلال  محاولة جاهدة لتغيير العلاقة معها .

     الخطوة الأولى هي الاعتراف ان الإفراط باستخدام هذه الأجهزة لها تأثير سلبي على حياة الإنسان وعلى علاقاته وعلى درجة ومستوى التوتر وعلى كفاءة العمل ، مثل شرب الكحول يجب الاعتراف  بالإدمان قبل حصول بلحظة اللذة ، وهذا يصدق على الناس الذين يعانون من إدمان استخدام الانترنت .

     وضع وقت لاستخدام الهاتف او الكمبيوتر وغيرهما ، وذلك بتحديد أوقات محددة في اليوم ، او ما يسمى " حرية التقيد باستخدام الشاشة ،  screen free   " وإغلاق الهاتف أو الجهاز لكي لا تفكر بالإطلاع على الرسائل أو وضع الهاتف في مكان بعيد كي لا يسمع رنينه ، وإذا شعر الإنسان بالرد على الرسائل يمكن إعداد رسائل الاستجابة التلقائية كي يعلم الناس أن صاحب الهاتف بعيد عن هاتفه ، وأن يجعل قسم حياته خالي من  الانشغال ب" الشاشة " .

     خلال هذه الأوقات الخالية من الإنشغال ب" الشاشة " وضع جدولة للأنشطة التي لا يدخل فيها أجهزة التكنولوجيا ، مثل قضاء وقت مع أفراد الأسرة أو الأصدقاء ، الخروج لتناول وجبة طعام ، مكالمة مع أحد أفراد العائلة ، قراءة كتاب ، قضاء وقت في الهواء الطلق ، التنزه بالحدائق العامة ، الزراعة والري ، القيام بأعمال المنزل ، الاستمتاع بالأنشطة الرياضية مثل ألمشي الجولف ، التنس ...ألخ .، لا بأس بأخذ الهاتف من أجل مواجهة أي طارئ  .

هذه بعض النصائح التي تخفف من قبضة التكنولوجيا على الإنسان :
-  عندما تناول الطعام خارج المنزل ، يجب وضع الهواتف في سلة بقرب طاولة الطعام ، وأول من ينظر إلى هاتفه عليه دفع سعر وجبة الطعام .

-  تغيير نغمة تنبيه الهاتف لمعرفة أهمية المكالمة للرد عليها أو يترك المتصل رسالة صوتية للرد عليه لاحقاً . ويمكن وضع علامة " عدم الإزعاج " كي يعرف المتصل أن صاحب الهاتف مشغول  وسوف يرد على المكالمة بعد ذلك ، هذه الخطوات تساعد على الاستغناء عن  الإطلاع على الرسائل النصية وتخفيف من حالة الإدمان .

-  التعويد على إشغال الوقت بالأنشطة والمهام مع الآخرين ، ومقاومة رغبة فحص الهاتف او أي جهاز آخر .

-  إعلان عن "  عطلة تقنية  ،  Technology Holiday   "  ليوم واحد او في نهاية الأسبوع او كل أيام الأسبوع في حال عدم استخدام اجهزة التكنولوجيا ، وإذا كان هذا غير وارد ، وضع الجهاز أمام الشخص طوال اليوم وفتحه مرة واحدة في الليل قبل الإيواء إلى الفراش وهذا يعني تحديد وقت استخدام الجهاز نصف ساعة أو أقل فقط .

-  استخدام ساعة منبه بدلاً من الهاتف وغيره لكي لا يطلع المرء على الرسائل والمكالمات الواردة او الاطلاع على مواقع فيسبوك ، تويتر او أي نشاط الكتروني يساعد على حالة الإدمان .

-  إذا كانت هذه النصائح لا تساعد على التقليل من استخدام التكنولوجيا ، فعلى المستخدم البحث عن معالج الصحة النفسية والمتخصص في العلاج السلوكي المعرفي ، وهذا المعالج سوف يبحث عن طرق اخرى للعلاج .

     من أجل مساعدة أفراد الأسرة على تغيير أو كبح استخدام الهواتف والأجهزة الأخرى من خلال عقد علاقة صحية مع الآخرين ، فأن المدير لمركز نيو إنجلند لعلم نفس الأطفال لديه مقترحات أخرى للآباء :
-  وضع الهواتف في مكان محدد بالمنزل بقرب باب المنزل لكي ينفصلوا عن الهواتف ولا تكون الهواتف جزءاً من  أعضاء الجسم .

-  إبلاغ الأقرباء إغلاق الهواتف من اجل عدم إزعاج الآخرين ، او وضعه صامتاً  ( هزاز) أو  وفي حال رفض بعض هذا الشرط  ، يجب عدم التحدث معه  إلا بإغلاق الهاتف ، هذا الشرط يعطي الجميع استراحة ووقت التخلي قليلاً عن هذه الهواتف .

     خبير تكنولوجي آخر وهو " Erik Fransen " في المعهد الملكي للتكنولوجيا في ستوكهولم " Stockholm " يقول : الإنشغال بالهواتف الذكية يؤثر على الذاكرة على المدى القصير خاصة على  الأطفال ، تعمل الذاكرة على تصفية المعلومات ، وتساعدنا على التواصل ، وفقاً لدراسة قام بها  ، أن الذاكرة يمكنها حمل ثلاثة او أربعة  من المعلومات في وقت واحد ، وعند إضافة معلومة أخرى مثل اهتزاز الهاتف المحمول فأننا نذهل أو نعجز على التركيز ونفقد قدرتنا معالجة المعلومات التي استلمناها .

     وقف طاقة تشغيل الهواتف المحمولة أثناء أوقات محددة فأنه يسمح للذاكرة على العمل لهذا السبب فأنه من المهم على المراهقين إيقاف هواتفهم المحمولة أثناء الحديث مع الوالدين لكي يفهموا ما  التوجيهات والإرشادات التي تعطى لهم ، وعكس ذلك فأن الإنشغال بالهواتف يجعلهم ينسون هذه الإرشادات   .

     إن مشكلة إدمان استخدام الأجهزة التكنولوجية ، مشكلة عصية يعاني منها مستخدمو هذه الأجهزة ، وقد تم رصد هذه المشكلة عام 2011 وتم إنشاء مركز لعلاج مدمني استخدام هذه الأجهزة في الولايات المتحدة الأمريكية ، ولعل هناك مراكز أخرى في بعض الدول الأوروبية الغربية .

     وهذه المشكلة يعاني منها وللأسف أطفال بعد اختراع جهاز الآيباد ، وتم رصد بعض حالات الإدمان لهؤلاء الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا .

     ونأمل أن يهتم القراء العرب بهذه المشكلة لأنه لم ترصد أي بوادر لحل هذه المشكلة في البلدان العربية من خلال الاستفادة من تجارب الدول الغربية في علاج هذه المشكلة .

     وأخيراً لا بأس بالاطلاع على دراستنا "إدمان استخدام الإنترنت" المنشورة في موقعنا "المسار للبحوث التربوية والاجتماعية" وقمنا فيها بتعريف هذا النوع من الإدمان وأسبابه وطرق علاجه .

المصدر :
Technology Addiction


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق