الأحد، 10 أغسطس 2014

هل التكنولوجيا تسيء إلى صحة المراهقين الجسمية والعقلية ؟





هل التكنولوجيا تسيء إلى صحة المراهقين الجسمية والعقلية ؟
الباحث/ عباس سبتي
29/5/2014

     التكنولوجيا تهدف  إلى الوصول إلى المرحلة الحرجة الشاملة بعد إنتاج منتجات جديدة وطرق توزيعها بسرعة البرق ، في الوقت السابق كان يقال للطفل لا تشاهد التلفاز أو  ألا يزيد عدد الأصدقاء لديك (كذا ) وإلا سوف تعاقب على إثر ذلك ، في عصرنا الحالي توجد قائمة من الأشياء من الضروري السيطرة عليها .

     التلفاز ، الأيباد ، الهواتف المحمولة ، ألعاب الفيديو ، الانترنت .. قائمة مذهلة من الأجهزة ، الأطفال يمكن الوصول إلى هذه الأجهزة أكثر مما يتصور الوالدان ، وكأب القضية الأولى عند التحدث عن هذه الأجهزة هي فهم خطورة تأثير أجهزة التكنولوجيا على الصحة البدنية والعقلية ، عند تصفح أي جريدة ، مجلة  تجد المقالات تركز على الإيجابيات والسلبيات لأجهزة التكنولوجيا ، فما هي القضية الهامة إذن ؟

     في الجوانب الإيجابية  فقد فتحت التكنولوجيا أما الشباب نافذة على العالم بأسره ، ليس هناك من شك أن المراهق أو المراهقة لا يجد سؤالاً إلا وله جواب على شبكة الانترنت ، صحيح ليس هناك ضرر في اكتساب المعرفة ، لأن امتلاك هذه المعرفة يعني  تقدم جانب من جوانب الحياة .

     على أي حال كم من الوقت يستغرقه المراهق للحصول على المعرفة عبر الانترنت ؟ تشير الدراسات إلى أن استخدام أجهزة الشبكات الإعلامية  في أي وقت أثناء اليوم يزيد في معدل الكسترول في الدم ، ويزيد في هرمون " الإجهاد " ، والتقليل من معدلات الميلاتونين " melatonin " والنوم ، وأوصى الخبراء بهذا الشأن إلى عدم استخدام جهاز التكنولوجيا قبل النوم بساعتين ويعتمد ذلك على وضع الجسم .

     بالإضافة إلى التأثير على النوم وعلى عضلات الرقبة ، كثير من الباحثين عقدوا علاقة بين انتشار أجهزة التكنولوجيا ومعدلات السمنة لدى الأطفال ، أشار معهد ميلكن " Milken "  إلى العلاقة بين الاعتماد على التكنولوجيا وارتفاع معدلات السمنة في (27) دولة خلال (11) سنة ، وفي دراسة سنة 2004م التي أشارت إلى أن قضاء ساعة واحدة لمشاهدة التلفاز أو ممارسة ألعاب الفيديو  فأن الطفل يتعرض إلى خطورة السمنة في مجالي الصحة العقلية والاجتماعية  أجرى كثير من الأطباء دراسات عديدة بهذا الشأن ، وكما سبق ذكره أن هناك تأثير التكنولوجيا على انخفاض تقدير الذات لدى المراهقين ، وفي طوال السنين الأخيرة وجدت النظريات المتعلقة بهذا الموضوع ، وفي دراسة سنة 2013 أن نشر سيرة ذاتية لأحد المراهقين في فيسبوك فأن ذلك يعزز الثقة بالنفس لديه  ، وبينما أشارت دراسة أخرى إلى وجود قضاء الوقت الطويل في تصفح الشبكات الاجتماعية يقلل ثقة المراهقات بأنفسهن ، على أي حال معظم الباحثين أكدوا على أن طريقة استخدام الأطفال والمراهقين لأجهزة التكنولوجيا أو المواقع الاجتماعية  تؤثر الثقة بالنفس .

     بعض المحققين أفاد أن استخدام أجهزة التكنولوجيا قد يعزل المراهق عن أصدقائه  ،  وتشير دراسات أخرى إلى أن الأمريكان قد ضعفت علاقاتهم الاجتماعية عما كان ذلك قبل (30) السنة الماضية  ، وقد ألمحت بعض الدراسات إلى أنه ليس بالضرورة ترجع أسباب هذا الضعف إلى استخدام أجهزة التكنولوجيا .

     في الواقع استنتجت بعض الدراسات إلى أن التكنولوجيا قد قويت العلاقات الاجتماعية بين الناس ، في مسح 2009 تبين أن امتلاك الهواتف المحمولة  والمشاركة بالأنشطة المتنوعة يجعل الناس أكثر اهتماماً بالشبكات الاجتماعية   ، وأشار هذا المسح إلى أن الأطفال الذين يعلقون أو يكتبون رسائل نصية أكثر احتمالاً بقضاء الوقت مع الناس  ، وأجرى معهد أوكسفورد للانترنت  دراسته على (200) مراهقاً على مدى الثلاث السنوات تبين وجود علاقة بين استخدام التكنولوجيا وتنمية مهارة الاتصال لدى المراهقين .

     أخيراً للتكنولوجيا إمكانات كبيرة سواء لزيادة الأذى أو التأثير على الصحة العقلية والجسدية  على المراهقين ، وهناك فرق كبير في  تفكير المراهق الذي يلعب لعبة انفرادية لا تثير جانب التفكير لديه كثيراً  وبين مراهق يتحدى أصدقائه في لعبة " Wit  Fit "  أو نوبة الفطنة " أو يلعب لفترة وجيزة لعبة حل الألغاز ، وتوجد ألعاب و تطبيقات إيجابية لا تحصى  تناسب مرحلة المراهقة وتنمي الذكاء والخيال لدى المراهق .

     يجب على الوالدين اتخاذ القرار الحازم والالتزام به من أجل حماية الأطفال ، وفي عالم التكنولوجيا الكبار كالمهاجرين لا نبقى بينما الصغار الذين ولدوا في عصر التكنولوجيا ويعرفون عنه الكثير يفهمون أكثر منا .

     الخطوة الأولى بالنسبة للوالدين هي أن يتعلما عن وسائل الأعلام الاجتماعية وعلاقتها بالتكنولوجيا كقدر الإمكان ، وعدم النظر إلى  استخدام الأطفال للتكنولوجيا انه حق مكتسب لهم ، ويجب وضع أوقات محددة  لممارسة أنشطة التكنولوجيا ومعرفة كلمات السر التي يستخدمها الأطفال والمراهقون ومتابعة هذه الأنشطة الرقمية ، مع بقاء أجهزة التكنولوجيا خارج غرف نومهم وتخصيص وقت يتعرف الوالدان ماذا يفعل الأبناء ومشاهدة أشرطة الفيديو والدردشة أو المحادثة التي تجرى بينهم وبين أصدقائهم  ، والتعرف على قائمة وأسماء أصدقائهم ، كما هو الحال فان خط الدفاع الأول لتأثير التكنولوجيا على الأبناء هو الوالدان .

أقول :
     مسئولية الوالدين كبيرة في عالم التكنولوجيا الذي نعيشه ، بعد انتشار واسع لأجهزة التكنولوجيا إلى درجة لا يستغني الصغير والكبير عن هذه الأجهزة ، وهذه المسئولية تعني توعية الأبناء بمخاطر الانترنت وعدم التغاضي عن إيجابياتها ، وهذه التوعية لا تتأتى إلا أن يسعى الوالدان  بالالتحاق بدورات خاصة بأي أسعار من أجل الحفاظ على صحة الأبناء البدنية والعقلية  ، بل معرفة الأنشطة الرقمية المناسبة لكل فئة عمرية : الطفولة المبكرة أو المتأخرة والمراهقة المبكرة أو المتوسطة أو المتأخرة .

المصدر :


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق