السبت، 21 يونيو 2014

هل تكاليف التكنولوجيا مشكلة حقيقية بالنسبة للأبناء ؟




هل تكاليف التكنولوجيا مشكلة حقيقية بالنسبة للأبناء ؟
ترجمة الباحث/ عباس سبتي

     يوجد الكثير من الوعاظ والمرشدين يقومون بنشر حقائق لا شك فيها عن مخاطر التكنولوجيا كعلاج لجميع أمراضنا . بالنسبة لمجموعة الوعاظ يؤكدون أن التكنولوجيا ليس فيها خطأ ، لكن في نفس الوقت هناك الكثير من الجهلة يشيعون أن عالمنا التربوي والاجتماعي والثقافي قد فشل في علاج المشكلات ، وبالنسبة لهذه المجموعة فأن التكنولوجيا عبارة عن مرض يحتاج إلى علاج .

     أضع نفسي بين هذين الرأيين وأفكر بقول " بول ريفيير ، Paul Revere " في القرن الحادي والعشرين : التقنيون قادمون . وأعتقد أن التكنولوجيا هي بطبيعتها ليست ضارة أو نافعة  ، لكن الموقف المحايد لا يعني أنها غير جيدة ، كما هو الحال بالنسبة لكثير من الأشياء في حياتنا فأن التكنولوجيا مفيدة أو ضارة حسب استخداماتنا لها .

     أحد التحديات بالنسبة لنا أن التكنولوجيا قد دخلت في حياتنا قبل أن نتمكن من معرفة ما سيكون لها من تأثير على حياتنا ، حيث أصبحت سرعة انتشار التكنولوجيا كبيرة كسرعة التقاط الأنفس مثل من يحاول الالتحاق بالقطار سريع الحركة ، وظهرت التجديدات وأصبحت جزءاً من ثقافتنا وليس هناك متسع من الوقت للتراجع خطوة إلى الوراء والنظر في الآثار المتعلقة بتطبيقات التكنولوجيا الجديدة علينا ، أنها عبارة عن المرآة الخلفية للسيارة لنرى مخاطر ومنافع التكنولوجيا ، فالتطبيقات الجديدة لها أثرت على الفرد والمجتمع .

     ليس هناك من شك أن التكنولوجيا تجلب المنافع المهمة لحياتنا ، وأنها تربطنا بعدة طرق ، ويمكننا التعاون بشكل أكثر فاعلية ، ويمكننا  أن نتواصل مع الآخرين عبر الأميال العديدة ، أصبح عالم المعلومات في متناول أيدينا ، والقائمة تطول وتطول ... .

     ولا شك أن التكنولوجيا تسبب بعض المشكلات العديدة في حياتنا ، ويبدو أن إدمان الانترنت أصبح حقيقة ، والتسلط عبر الانترنت يعاني منه أطفالنا  ، والتكنولوجيا سببت تحولاً من التعبير عن الذات إلى تنمية الأنانية ، وأصبح فقدان الخصوصية هو المقلق ، وأصبح استخدام الحكومات للتكنولوجيا مصدر اهتمام كبير ، ومرة أخرى القائمة تطول وتطول .

     لكن كما عبر " بول ريفيير ،    Paul Revere "  مخاوفه وشكوكه عن التكنولوجيا فأن قلقنا هو أن هناك على رأس القائمة  أن نتحدث عن التكلفة البديلة ، وإذا كنت لم تألف لكلمة التكلفة ، أنها تستخدم لتحديد كيفية تخصيص الموارد المحدودة مثل الوقت والمال ، ويتم تعريف التكلفة البديلة  الوقت الذي يصرف على شيء واحد ولا يصرف على فعل أشياء أخرى لها قيمة ، وتطبيق التكنولوجيا في حال حجب القنوات تظهر تكاليف لفقدان الفوائد المحتملة التي يمكن الحصول عليها من الأنشطة الأخرى التي قمنا بها .

     بالنظر إلى مسح  " مؤسسة كايزر ،   Kaiser "  لعام 2009 أفاد أن الأطفال ما بين 8-18 سنة يقضون أكثر من سبع ساعات في اليوم بممارسة الأنشطة غير المتعلقة بدروس المدرسة ( مثال ألعاب الفيديو ، الأفلام ، الأقراص الممغنطة ، والهواتف الذكية  ) وهذا يعني زيادة التكلفة البديلة ، وما هو على وجه التحديد يخسر الأطفال الوقت الحقيقي للتكنولوجيا ؟ دعنا نحسب وقت النوم ( لا ينام الأطفال بما فيه الكفاية ، وقت الرياضة ، وقت الغذاء ( يأكل الأطفال الوجبات السريعة أمام التلفاز ) والتفاعل البشري المباشر ، اللعب ، الرسم ، الواجبات المنزلية ، واهتمام الوالدين .

     الأطفال يتكبدون التكلفة البديلة الأخرى في عدة المجالات أثناء نموهم ، فإذا كنت تعتقد أن التعامل مع المشاعر بطريقة صحية التي تنطوي على المهارات تتطلب الخبرة والممارسة وأظن انك تفعل فأنه  ليس هناك شك أن جلوس الأطفال أمام التلفاز ولو وقت قصير يعني ضعف مشاعرهم وعلاقاتهم الاجتماعية ، ويصدق الشيء نفسه على عدم تعلم الأطفال التسامح والاحترام والصبر والمودة والرحمة  ، كذا أن صرف وقت مع التكنولوجيا يعني ضعف تعلم مهارة القراءة التي لها فوائد واضحة على التنمية الفكرية والدراسية لدى الأطفال .

     وعلى الرغم من أنني لم أجد دراسة بهذا الشأن ، أعتقد أنه من الأسلم القول أن العديد البالغين والكبار في هذه الأيام يقضون أكثر وقتهم مع التكنولوجيا ، في حين ربما لا يكون هذا الوقت مثل الوقت الذي يقضيه  الأطفال أمام أجهزة التكنولوجيا ، أن هؤلاء البالغين يعانون من التكلفة البديلة كما يعاني الأطفال .

     سؤالي الأخير ما يمكننا أن نفعل مع التكلفة البديلة التي تصرف على التكنولوجيا  في حياتنا ؟

     حسنا ما لم تدمر خبطة كهرومغناطيسية شبكة الكمبيوتر والاتصالات ( قد يكون سؤالاً تافهاً ، ما عرضه التلفاز لعام 2000 م لهذه الفرضية ومن بدأها ؟ لكن أنا لا أرى الخروج الجماعي على الثوابت ولا  أن تشجع الحكومات عدم التعامل مع شبكة الانترنت ( قد يكون من النفاق ) أو أن تقيد المدارس استخدامات التكنولوجيا وتسير بالاتجاه الآخر .

     أخيراً الوقت الذي يقضيه الناس أمام أجهزة التكنولوجيا قرار فردي يقرره الفرد ، الوالدان في الأسرة . آمل  أن هذه المقالة تفتح عيون الناس إلى الخطر الكامن من وراء أجهزة التكنولوجيا ، والتكلفة البديلة التي تصرف ويعاني منها الناس وأطفالهم ومع هذه الحقيقة وكل ما استطيع أن  آمل هان يرى الناس  أن عدم صرف الوقت الكثير أمام أجهزة التكنولوجيا سوف يجلب لهم منافع كثيرة في حياتهم .


المصدر : موقع جهاز التحذير للأسرة   Prime Family Alert

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق