الأربعاء، 11 مارس 2015

استخدام الأولاد السيئ والجيد لمواقع الانترنت






استخدام الأولاد السيئ والجيد لمواقع الانترنت
بقلم الباحث/ عباس سبتي

     سواء أحببنا أم لا ، الانترنت ، مواقع التواصل الاجتماعي وكل الأجهزة التي لها صلة  بالتكنولوجيا  قد اخترعت لتبقى ، وكما يتضح في كل يوم يستخدم ويستفيد الناس منها خاصة في عقد العلاقات الاجتماعية ، لكن في نفس الوقت فان هذه الأجهزة لها جانب مظلم وسلبي .

     على الرغم من أن دراسة آثار مواقع التواصل الاجتماعي على الأولاد لا تزال جديدة نسبياً ، فأن هناك تزايد لعدد من الأدلة الكثيرة التي تشير إلى أن هذه الآثار سيئة ، سلبية ،  جيدة .

الآثار السلبية :

كآبة فيسبوك :
     مما لا شك فيه فأن فيسبوك أحد مواقع التواصل الاجتماعي شعبية في هذا العصر ، أكثر من ملايين مستخدمي الشات وتبادل الصور والاتصال بالأصدقاء والأسرة يدخلون هذا الموقع ، لكن هناك جانب مظلم لاستخدام هذا الموقع وغيره من المواقع هو ما يعرف بظاهرة " كآبة فيسبوك " Facebook Depression " وتشتمل أيضا على القلق والاضطرابات النفسية الأخرى  ومجموعة من السلوكيات غير الصحية .

     ربما أحدث دراسة في هذا الوقت أشارت إلى علاقة الاستخدام المفرط لفيسبوك من قبل المراهقين  بما يعرف ب " النرجسية ،  narcissism  " ، وارتبط هذا الاستخدام المفرط للشباب ب " اضطراب الشخصية  المعادية للمجتمع واضطراب ثنائية القطب والسادية والسلوك العدواني والذعر ، وكشفت الدراسة أثر استخدام فيسبوك المفرط بوصفه مؤشراً لظهور هذه الاضطرابات النفسية .

     خلال  تحليل (15) دراسة فقد وجد تعرض الناس إلى  وسائل الأعلام  بشكل مفرط   مثل التلفاز  ، الأفلام ، ألعاب الفيديو والانترنت له علاقة بالسلوك العدواني والعزلة ، أفادت هذه الدراسات إلى أن الأطفال الذين يشاهدون مشاهد العنف ليسوا فقط أكثر عدوانية وإنما أصدقاؤهم قلة وأكثر عزلة اجتماعياً ، وخلص الباحثون إلى أن الأطفال العدوانيين لديهم أقل أصدقاء وأكثر تخويفاً وتسلطاً لغيرهم لأنهم أكثر عدوانية أو هم ضحايا العنف والتسلط بسبب عزلتهم .

     أفادت دراسة أخرى أن الفتيات المراهقات أكثر استخداماً للرسائل النصية ، الرسائل الفورية ومواقع التواصل الاجتماعي لمناقشة قضاياهن خاصة العاطفية والخيالية ( الرومانسية ) والاكتئاب ، وقد ناقش الباحثون سهولة التكنولوجيا التي تتيح للمراهقين التواصل مع الآخرين وأثرها السلبي عليهم .

إدمان الانترنت :
     حالة الإدمان هي عبارة عن الاستخدام المفرط للانترنت سواء للعمل اليومي أو للتسلية مما يؤدي إلى الإصابة بالضيق والأذى .

     في مراجعة لدراسة أجريت قبل عقد من الزمان أشارت إلى أن المراهقين الذين يبدو عليهم حالة إدمان استخدام الانترنت ظهرت عليهم أعراض الوسواس والاكتئاب والقلق العام والاجتماعي وأعراض نقص الانتباه والانطواء ، وتشير هذه الدراسة إلى أن المراهقين يعانون من حرمان الحنان والحب من قبل الوالدين والغضب والشدة .

     هناك جدال واسع لدى علماء الصحة النفسية والعقلية بشأن هل حالة إدمان استخدام التكنولوجيا مثل إدمان الكحوليات والمخدرات والقمار ، في الحقيقة الجمعية الأمريكية للطب النفسي التي أصدرت  الدليل التشخيصي والإحصائي وجاء فيه  عدم إدراج إدمان الانترنت  ، ويناقش بعض الباحثين والخبراء  أن الاعتماد غير الصحي للتكنولوجيا قد يكون من أعراض بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب أو القلق ، وأن ما يسمى إدمان الانترنت يتم علاجه على يد مستخدم التكنولوجيا وأنه خلافاً للكحول والمخدرات فأن استخدام الانترنت لا يسبب أي ضرر فسيولوجي أو نفسي مباشر .     

     على الرغم من الغموض في هذا المجتمع الشبابي ، فقد أفاد الطلبة في  استطلاع لآرائهم الاعتراف بحقيقة إدمان الانترنت ، وليس فقط لم يغب عن الطلبة  وظائف التكنولوجيا مثل كتابة الرسائل وتصفح الانترنت والاستماع إلى أنغام الموسيقا  وإنما يحبون  أجهزة التكنولوجيا  ، قال طالب انجليزي : وسائل الأعلام مادة مخدر بالنسبة لي  وبدونها أضيع ،  أنا مدمن ، كيف أعيش بدونها (24) ساعة ؟ وأضاف طالب أمريكي:  بعد التعامل مع هذه الكارثة على مدار (24) ساعة أدركت أن هوسنا  مع أجهزة التكنولوجيا أمر مخيف ، ولم أستطع  أن أتخيل العالم بدون التكنولوجيا .

     استخدام الانترنت يجعل الناس في سلوك غير صحي غالباً يرتبط بحالة الإدمان ،  كشفت إحدى الدراسات  حالات الإشباع التي يلتذ بها الناس من استخدام الانترنت ، حيث ذكرت الدراسة أربعة أنواع : المجتمع الإفتراضي ( يرتبط بمجموعة واحدة ) ، والتعويض المالي (  كسب المال من خلال الأنشطة عبر مواقع الانترنت )  و اللهو والتسلية ( الانشغال عن حياتهم ) والحالة الشخصية ( الشعور بالفردية من خلال استخدام الانترنت ) ، قد تكون هذه الحالات  شيء طبيعي للمراهقين والأطفال إلا أن حالة التخدير باستخدام الانترنت تجعلهم يعانون من مشكلة الإدمان .

     هذا الذي يسمى " الإدمان " يبدو أنه  أعمق من الاعتماد على النفس ، ثمة مؤشر على سبيل المثال وهو أن تفاعلنا مع جهاز التكنولوجيا ينتج ردة فعل كيميائي من " الدوبامين ، dopamine " وهي توجد في حالات إدمان الكحول والمخدرات والقمار والجنس ، والتعرض والتفاعل المستمر للمنبهات المتعلقة بأجهزة التكنولوجيا مثل الاهتزاز من الهاتف المحمول معلناً وصول رسالة نصية أو تغريدة يجعل الناس في حلقة مفرغة من  التحفيز من " الدوبامين " أو الحرمان ، وعلاوة على ذلك فأن كتابة (140) حرفاً لرسالة نصية تفسح المجال لهذه الحلقة المفرغة أن المعلومات التي وردت غير كافية أو مرضية لذا يضطر الناس للبحث عن المزيد من المعلومات الخاصة ، وتخيل الأطفال وهم يكبرون مع حالة العلاقة مع التكنولوجيا وقوة سيطرتها عليهم إذا لم يتحكموا بالاستخدام المحكوم والموجهة لهذه التكنولوجيا .

الآثار الإيجابية :

التكنولوجيا المفيدة :
     من المؤكد  أن الدراسات قد وصفت ولم ترسم الصورة الوردية لتأثير التكنولوجيا على الأطفال والمراهقين والشباب ، وأنها ليس كلها سيئة ، فقد أظهرت الدراسات أن قضاء الوقت الكثير مع أجهزة التكنولوجيا مرتبط في زيادة " التعاطف الظاهري " بسبب تأثير هذه الأجهزة ، وأن " التعاطف مع الواقع " له أثر لكنه غير مستقل عن التعاطف الأول ، وأن أفضل مؤشر للتعاطف الظاهري هو الوقت الذي يقضيه المستخدم مع فيسبوك بكتابة الرسائل الفورية ، وكلا من التعاطفين يعني مزيداً من الدعم الاجتماعي المفيد لهؤلاء الناس .

     تساعد أجهزة التكنولوجيا هؤلاء الأطفال وغيرهم الذين يعانون من الخجل أو القلق الاجتماعي ، فالأطفال الإنطوائيون يمكن أن يحصلوا على الراحة والثقة خلال التفاعل الاجتماعي في عدة طرق ، فالأطفال الخجلون يستخدمون أجهزة التكنولوجيا للتغلب على التحدي الصعب الذي يواجههم  ببدء علاقات جديدة ، ويمكن  السماح لهم بدلاً من منعهم في عقد هذه العلاقات عبر الانترنت ، ويمكن للأطفال الإنطوائيون ممارسة المهارات الاجتماعية مع توفر السلامة عبر مواقع الانترنت .

     أجهزة التكنولوجيا تساعد أيضا على تحسين العلاقات الأسرية وتشجيع مشاعر الترابط بين أفرادها ، أولاً يمكن استخدام التكنولوجيا باعتبارها نقطة الدخول إلى عالم الطفولة وخلق فرص المشاركة لهم ، وثانياً توفر لأفراد الأسرة الأنشطة المتنوعة التي تشبع رغباتهم وميولهم .

     توجد فوائد تعليمية لأجهزة التكنولوجيا للأولاد أيضا ، فهم يتعلمون المهارات العملية الضرورية التي تحقق لهم النجاح في حياتهم ، خصوصاً يتعلمون كيفية وإتقان استخدام التكنولوجيا لتطوير قدراتهم الإبداعية وتعزيز مهارات الاتصال مع الغير   .

     أشارت دراسة أخرى على أن الألعاب الالكترونية تساعد على السلوك الاجتماعي ، إذ وجد الباحثون أن المراهقين أكثر تقبلاً لمساعدة الآخرين بعد ممارسة هذه الألعاب الجماعية بالمقارنة مع الألعاب الفردية ، وفي دراسة أخرى ذات الصلة لاحظ الباحثون التأثير المماثل عندما تعطى للاعبين فرصة الدفاع عن شخص غريب يتعرض للمضايقة من أناس آخرين .

     تساعد التكنولوجيا الأطفال أيضا مواجهة الضغوط التي تواجههم في حياتهم ، إذ يمكن للتكنولوجيا تخفيف الضغط بعدة طرق ، أولاً توفر للأطفال منافذ للتعبير عن مشاعر الضغط لديهم ، وثانياً تزود للأطفال الدعم الاجتماعي الذي يكون بمثابة منطقة عازلة ضد الضغوطات فمن خلال تبادل الرسائل مع الآخرين خاصة الرسائل الفورية عبر فيسبوك يحصل هؤلاء الأطفال والمراهقون على الدعم الاجتماعي من الآخرين ، وثالثاً تساعد التكنولوجيا الأطفال وغيرهم على الحصول على المعلومات المفيدة التي تساعدهم على الحد من هذه الضغوط ، وأخيراً وقد تكون التكنولوجيا بمثابة إشغال الأطفال عن التفكر بهذه الضغوط وتوفر الراحة النفسية ومنحهم الوقت للتعامل مع التوتر بشكل فعال .     

دور الوالدين :
     مع وجود الإيجابيات والفوائد للتكنولوجيا إلا أن ذلك لا يكفي فعلى الوالدين تثقيف الأولاد باستخدام التكنولوجيا بطريق سليمة وآمنة .

أقول :
     هذا صحيح توجد فوائد عديدة من استخدام التكنولوجيا لكن يجب توعية الأطفال والمراهقين بالاستخدام السليم لها وأن هذا الاستخدام لا يعني الانشغال التام عن بقية الأنشطة والمهام والمسئوليات التي تقع على كاهل الجميع خاصة الأولاد الذين يحتاجون إلى متابعة مستمرة وهم يستخدمون أجهزة التكنولوجيا لذا ننصح أولياء الأمور بالاطلاع على موقعنا المسار للبحوث التربوية والاجتماعية وفيه الكثير من التوجيهات والإرشادات للجميع في كيفية الاستخدام الآمن لأجهزة التكنولوجيا .


المصدر :
The Bad, The Ugly, And The Good Of Childrens Use Of Social Media


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق