الاثنين، 1 ديسمبر 2014

المراهقون ومواقع التواصل الاجتماعي






المراهقون ومواقع التواصل الاجتماعي
بقلم الباحث / عباس سبتي

     كثير من الوالدين يشعرون بالقلق بشأن تعرض الأطفال الصغار إلى أجهزة التكنولوجيا ، نحن نعلن أن في مرحلة ما قبل المدرسة  يكتسب الأطفال المهارات الاجتماعية والمعرفية بوتيرة مذهلة ، وأن استخدام الطفل الآيباد لساعات قد يحرمه من هذه المهارات ، وأيضا مرحلة المراهقة لا تقل أهمية من النمو السريع لكن القليل منا من يعلم أو يعرف كيف يستخدم المراهق أجهزة التكنولوجيا أكثر دقة وشغفاً من الطفل عمره (3) سنوات الذي يلعب مع هاتف والده الآيفون الذي قد يؤثر عليه . كذلك ما يقلق الخبراء أن المواقع الاجتماعية وكثرة الرسائل النصية التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة المراهقين والشباب وتزيد من حالة القلق وانخفاض تقدير الذات لديهم .

     المراهقون يشغلون أنفسهم  ساعات بعد المدرسة وقبل الإيواء إلى النوم سواء أدوا الواجبات المنزلية أم لا  هم مشغلون  بالانترنت أو الهواتف المحمولة أو كتابة الرسائل النصية أو تبادل الصور والتعليقات والتصيد ، وبالطبع قبل اختراع موقع فيسبوك كان المراهق مشغولاً بالمحادثة مع زملائه بالهاتف المحمول ، وهذا الفعل يشبه فعل التسكع بلا هدف ، حيث أنه منهمك بنظره إلى شاشة الجهاز أكثر من النظر إلى الشخص الذي يتحدث معه .

     تقول "  Catherine Steiner-Adair " الأخصائية ومؤلفة كتاب "  The Big Disconnect "  : ليس هناك شك أن الأطفال يحرمون من اكتساب المهارات الاجتماعية ، وعلى سبيل المثال كتابة النصوص والتواصل الالكتروني ليس فقط يخلق لديهم صعوبة النطق  وإنما حتى لغة الجسد وتعابير الوجه وأصغر التفاعلات الصوتية غير المرئية  وهي من أهم الاتصال الاجتماعي مع الناس وقد يحرمون منها  .

     وتضيف الأخصائية : "هذا الأمر يخلق حاجزاً من الاتصال الواضح لديهم ، فتعلم كسب الصداقة جزء مهم في مرحلة المراهقة والطفولة والصداقة تتطلب نوعاً من المخاطرة كي يتعرف المراهق على صديق جديد وأصعب منه المحافظة على هذا الصديق ، وعندما يواجه المراهق المشكلات مهما كانت صغيرة أو كبيرة  فأنها تتطلب منه كيف يكون صادقاً مع مشاعره وكيف يحترم مشاعر غيره وتعلم هذه المشاعر يعني كيف تصبح الصداقة حميمة أم لئيمة , وتقدير الذات هو ما يقوله المراهق وما يشعر به حتى وإن اختلف مع غيره " .

     عندما تتم الصداقة عبر الانترنت أو عبر الرسائل النصية  فأن الأطفال والمراهقين يقومون بهذه الصداقة مجردين من المشاعر  الشخصية والاجتماعية  حيث ليس هناك رقيب عليهم ولا يشعرون بآثار الكلمات التي يتلفظون بها أو يكتبونها على الأشخاص  الآخرين ، لأن هذا التواصل عبر الانترنت  لا يتم في الوقت الحقيقي وكل طرف يستغرق وقتاً لدراسة استجابة الطرف الآخر ولا عجب أن يقول الأطفال لأحد زملائهم عبر الهاتف : " أنت حساس جداً " وهذا يتطلب مزيداً من التواصل المباشر معه .

التسلط عبر الانترنت :
     الخطر الأكبر الذي يأتي من اتصال الأبناء عبر الانترنت هو أن يكونوا أكثر قسوة مع الآخرين ، الأطفال يكتبون أشياء كثيرة خلال الرسائل النصية حتى أن الكبير لا يمكن أن يقوله أمام شخص آخر مهما كانت الحالة العدائية بينهما ، وقد ينطبق ذلك مع الفتيات أكثر اللاتي قد يختلفن مع زميلاتهن في الحياة الحقيقية ، يجب أن يتعلم الأطفال أن الاختلاف لا يعني هدم الصداقة مع الزملاء ، لأن مواقع التواصل الاجتماعي تعلمهم زرع الفرقة والاختلاف السلبي مع الزملاء . فالفتيات يشعرن بالتمايز والتفاضل على غيرهن أكثر  وهذا يجعلنهن أكثر سلبية مع غيرهن ، بل يصل الأمر أن الفتاة تود أن تجعل زميلتها تحت رجلها كي تشعر بالأفضلية عليها .

     طلب رضا الأقران هو الشيء المهم لدى المراهق ، فالمراهق يهتم بصورته وشكله أكثر من المرشح السياسي الذي يطلب أصوات الناخبين ، فأطفال ومراهقو اليوم يضيفون البيانات الشخصية كي يسكبوا ود الجنس الآخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، يحاولون أن يقدموا للناس الصورة المثالية عن أنفسهم خاصة الفتيات اللاتي ينشرن صورهن شبه العارية لجذب انتباه الجنس الآخر بينما الفتيان يستخدمون أسلوب التعنيف والجرأة ضد غيرهن من أجل حب الظهور .

     مع أن المراهقين يهتمون بمظهرهم الخارجي فأن مواقع التواصل الاجتماعي شجعتهم على حب البروز والتمايز كذلك يبحثون عن المثل الأعلى في المجلات الرخيصة  التي تشجع على الأنانية وحب الأنا ، ويحاول المراهق أن يقدم بيانات شخصية غير حقيقية عن نفسه في المواقع الاجتماعية كي يميز نفسه عن غيره ليكون أكثر قبولاً من الناحية الاجتماعية .  

     ما بين مرحلتي المراهقة الشباب قد يشعر المراهق بين ما يتصوره غيره عنه وبين ما يعتقده هو من أفكار ، فهو يشعر  مرة أنه على ما يرام ومرة أخرى يشعر بالضيق وفقدان الأمل وبسبب هذا التناقض ، يعود ذلك إلى أن  المراهق عندما يريد إلى إشباع حاجاته فأنه يصطدم بموانع منها رفض الكبار لآماله ، وبالتالي تقدير الذات عبارة عن رضا المراهق بنفسه وبالعكس إذا شعر بانخفاض تقدير الذات فأنه يشعر بعدم الرضا عن نفسه .

     من  أهم التغيرات التي نشعر بها في عصر التكنولوجيا وعصر الهواتف المحمولة أننا لا نشعر بالوحدة ، فالأطفال يجددون بياناتهم الشخصية وتبادل ما يشاهدونه أو يستمعون إليه مع الآخرين ، القراءة ، ولديهم تطبيق يحدد مكان تواجدهم لدى الأصدقاء ، وإذا لم يجدد الأطفال بياناتهم فأنهم لا يكونون بعيدين عن متناول الرسائل النصية  والنتيجة يشعر الأطفال والمراهقون بالتواصل المفرط مع الأصدقاء والمحادثة لا تتوقف بينهم وكأن هناك شيء جديد سيحدث يرتقبونه .

     بالتالي الأطفال والمراهقون لا يملون من هذه المواقع الالكترونية إلا أن ذلك يشعرهم أحياناً بالقلق في أن تضعف العلاقات الاجتماعية بينهم وبين أصدقائهم  خاصة وكل طرف يود أن يرضى عنه الطرف الآخر وهذا من أسباب هذا القلق .

     ومن السهولة أن يشعر المراهق بالوحدة مع هذا التواصل المفرط مع غيره ، وذلك أنه يشعر بالاكتئاب عندما يتجاهله الآخرون ومع أنا كلنا  عندنا الهواتف المحمولة  ونرد على الأشياء بالسرعة المطلوبة لكن عندما لا يأتي الرد من الطرف الآخر فان التجاهل والصمت لا يكفي لأن هذا الصمت قد يكون إهانة وقد تؤثر على العلاقات بين المراهق وغيره وينعكس على تصرفات المراهقين اتجاه غيرهم إلى درجة الإساءة لهم ( مثل التسلط عبر الانترنت )  .

     على أي حال العلاقة بين المراهقين والكبار قد تكون ضعيفة في عصر التكنولوجيا فلا يشعر المراهق والشاب بحاجته إلى الأب أو الأم لأن لديه البديل وهو الطرف الآخر الذي يهتم به عبر أجهزة التكنولوجيا .

ما يجب أن يفعله الوالدان ؟
     اتفق الباحثون الذين تمت مقابلتهم على  أن أفضل الأشياء التي يجب أن يقوم بها الوالدان هو الحد من استخدام أجهزة التكنولوجيا أولاً ، وأن يبين الوالدان طريقة الاستخدام الصحي لهذه الأجهزة ،  فكثير من الناس يفحصوا هواتفهم أو بريدهم الالكتروني أكثر من اللازم  وبعصبية وسلوكهم يؤثر على صغارهم الذين يقلدونهم في استخدام  هذه الأجهزة  إلى درجة الإدمان ، لذا لا بد أن يفكر الوالدان بإيجاد مناطق خالية من أجهزة التكنولوجيا  في المنزل وبساعات دون استخدام هذه الأجهزة – الهواتف – بما فيهم الأب والأم ، وألا يقول الأب أو الأم مثلاً : مرحباً للولد بسرعة ، ثم يتجه إلى جهاز الكمبيوتر أو الهاتف ليفحص البريد الالكتروني ، يجب أن يستيقظ الوالدان مبكراً في الصباح قبل الأولاد ليطلعا على بريدهما الالكتروني ، وما أن يستيقظ الأولاد  حتى يهتم بهم الوالدان ليستعدوا للذهاب إلى المدرسة وعدم استخدام الهاتف عند نقل الأولاد إلى المدرسة بالسيارة .

     ليس فقط الحد من وقت استخدام جهاز الكمبيوتر وإنما أيضا تقوية علاقة الوالدين بالأولاد وإعطائهم مزيد من الحنان والاهتمام كي يشعر الأولاد بالأمان والسعادة ، ولكي يشعر الأولاد أن الوالدين يهتمان بمشكلاتهم .

     إنها مجرد لحظات الانقطاع عن أجهزة التكنولوجيا  من أجل اهتمام أكثر بالأولاد وتقوية العلاقة معهم ، صحيح التكنولوجيا تساعد الأولاد في الأعمال والأنشطة المدرسية ولكن لا يترك الوالدان  أولادهم لوحدهم مع أجهزة التكنولوجيا بحجة أن يعتمدوا على أنفسهم في أداء الأعمال لكن على الوالدين المتابعة والمراقبة  .

     يفضل تأخير سن الولد لكي يستخدم جهاز التكنولوجيا كذلك تحديد ساعات الاستخدام كي لا يدمن على هذا الاستخدام   وأيضا مراقبة أنشطة الأولاد الكبار – بنين وبنات – خاصة عند استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ، ولا ينظر الأولاد إلى هذه المراقبة أنها عملية تجسس وبالتالي يفقدوا الثقة بالوالدين وإنما تعني المراقبة المتابعة والمساعدة في حل المشكلة التي تواجههم مع بيان السلبيات التي تعج بالانترنت ومواقعها .

     وعلى الوالدين تعويض وقت استخدام التكنولوجيا بوقت يستغله الأولاد بالرياضة وغيرها من الهوايات المفضلة لهم لكي يبتعدوا عن أجهزة التكنولوجيا  ، مع تنظيم الوقت بين اللعب والرياضة والدراسة المدرسية واستخدام مؤقت لأجهزة التكنولوجيا فان حياة الأولاد تكون صحية وينجحوا في حياتهم المدرسية والعملية .


المصدر:
Teens and Social Media
Rachel Ehmke
Senior Writer

CHILD MIND INSTITUTE 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق