الثلاثاء، 5 يوليو 2016

مراجعة " كتاب "




مراجعة "  كتاب "
بقلم الباحث / عباس سبتي
 يوليو 2016

     في الأسبوع الأول من شهر يوينو لعام 2015 ظهر كتاب لخبيرة تربوية وهي " Dr. Michele Borba " وهذا الكتاب ليس الكتاب الوحيد لها إذ نشرت كتاباً آخر في الربع الأخير من القرن الماضي ولكن هذا الكتاب له تأثير مهم على أولياء الأمور وأطفالهم .
الكاتبة لها اهتمامات بشأن تربية الأطفال ولو أنها لا تدعي أنها تحيط بكل شيء يواجه أولياء الأمور في مجال تربية الأطفال ، ولكنها تتواصل مع الذين لهم معرفة واسعة في المحالات المختلفة لتتعلم أكثر وتقضي الوقت الكثير في مقابلة المختصين وتتحدث مع الباحثين وتقرأ  المجلات العلمية وتزور المواقع الالكترونية التي تهتم بقضايا التربية والتواصل مع أولياء الأمور وأطفالهم ونقل وجهات نظرهم والاستفادة منها .

تأثير التسامح :
في هذا الكتاب وهو بعنوان  " UnSelfie: Why Empathic Kids Succeed in Our All-About-Me World " تشير الباحثة إلى أن بناء التسامح هو مفتاح لتربية الأطفال الذين يمكنهم التغلب على مشكلات السلوك التي تعترضهم في الظروف التي يواجهونها ، وكأي شخص يدرس استخدام المراهقين أجهزة التكنولوجيا الجيد والسيئ  فأنا نعلم كيف تستفحل المشكلات السلوكية في البيئات الالكترونية ، ومعظم هذه المشكلات يمكن الحد منها أو الوقاية منها إذا امتلك المراهقون صفة التسامح " empathy " ، ماذا تقول الكاتبة ؟

أنها استفادت من الدراسات التي تناولت صفة التسامح واستعرضتها في الكتاب وكيف يمكن أن يتصرف الشباب بحكمة ويتخلوا عن السلوك السيئ وأنها تقدم الاستراتيجيات التي يمكن لأولياء الأمور والمعلمين استخدامها لتعليم " التسامح وإدارة الذات " كذلك تنمية صفتي التعاون والعطف بين الطلبة ، على سبيل المثال يمكن لولي الأمر أن يعلم طفله كيف يقبل وجهة نظر طالب أو زميل له  يختلف معه في الرأي أو كيف يعلم المعلم طلبته على ربط حبل حذاء زملائهم ليظهروا محبتهم لهم ، وكيف يهدأ من أعصابهم في حالة الغضب كي لا يتصرفوا بسوء اتجاه زملائهم في الفصل ، كذلك الكتب والأفلام قد تصبح مفيدة في غرس صفة التسامح في نفوس الطلبة ، لذا على كل من يتعامل مع الطلبة أن يعلموا الطلبة كيف يظهروا صفة التقدير والرعاية للآخرين خاصة الذين قد يختلفون معهم لأي سبب كان ، والتأكيد على أن غرس صفة " التسامح " في نفوس الطلبة  يترك أثراً في أنشطتهم  لمنع ومواجهة التحرش عبر الانترنت ، وهناك عشرات الحالات لاستخدام المراهقين التكنولوجيا لمواجهة حالة القسوة والأذى للآخرين ، وينبغي أن تصبح هذه الحالات قدوة يحتذى بها الطلبة ولكن للأسف يتم التركيز على السلوكيات الخاطئة التي تعرض في وسائل الأعلام فيقلدها الأطفال والمراهقون بدلاً من تسليط الضوء على السلوكيات الجيدة الغالبة عليهم لذا يمكن عرض سلوكيات  الآخرين الجيدة على الطلبة كي يتشجعوا على في إظهار السلوك الحسن عند تعاملهم مع الناس .

لا تسيء الظن : الأطفال جيدون :
وقد انتقدت الباحثة بعض الناس  عندما قالوا أن سلوكيات الأطفال سيئة ولماذا لا يتقيدون بالقيم والأخلاق في مجتمعاتهم ، ويصف الناس أطفال اليوم أنهم مجانين وكسالى وأنانيون ولا أخلاق لهم مقارنة مع جيل الآباء والأجداد ، ولا أظن أن  جيل الأطفال اليوم هو أسوأ من الأجيال السابقة على الرغم من كثرة ارتكابهم للسلوكيات المسيئة عبر أجهزة التكنولوجيا ،  لكن الكاتبة كانت تقف في صف الأطفال والمراهقين وتعمل بلا ملل من أجل مساعدتهم لإظهار الصفات الطيبة والكامنة فيهم عند تعاملهم مع الناس ، ولكن عند قراءة الكتاب بدقة يمكن القول أن الانتقادات التي وجهت إلى طلبة المدارس يمكن أن تفسر كتهم مبطنة لأولياء الأمور  في القرن الحالي ، نعم أنهم خريجون عاطلين عن العمل ويستلمون رسوم الإعانة ، وأطفالهم يقضون جل أوقاتهم أمام شاشات الأجهزة المحمولة مقارنة مع أطفال الأمس ، وإذا كان طلبة المدارس سيئون فعلى من يقع الخطأ ؟

التكنولوجيا ليست شراً محضاً :
استعرضت الكاتبة بعض الإحصائيات لرسم صورة المشكلات التي يعاني منها المراهقون ، علة سبيل المثال مناقشة اعتماد الطلبة على أجهزة التكنولوجيا للتحرش والإساءة إلى الغير ، وأشارت إلى نتائج المسح التي تؤكد على " ازدياد حوادث وحالات التسلط ثلاثة أضعاف عما كانت عليها " وأنها اطلعت على الدراسة التي أجريت قبل (15) سنة لاستطلاع آراء أكثر من (15) ألف طالب بالولايات المتحدة ولم تجد أكثر من هذه الإحصائيات عدداً بشان هذه الحوادث ، وقد يشكك المرء بهذه الإحصائيات ليس بمعنى أن التسلط ليس مشكلة ولكن الاعتماد على بعض الإحصائيات من مصادر غير موثوقة غير صحيح ولا تعطينا حجم المشكلة أو وجود الظاهرة وقد تجد هذه الإحصائيات في كتب تربية الأطفال في الأسواق مع أن الكاتبة لا تعتمد عليها بحسب خبرتها وتجاربها . 

تشير الكاتبة إلى أن المراهقين يستخدمون الأجهزة المحمولة لسبع ساعات ونصف ساعة يومياً وتصف أن هذا التقدير أو المقدار  طبيعي باعتباره شيئاً سيئاً ونتيجة طبيعية لانشغالهم بأنشطة الانترنت على حساب وقت الدراسة والوقت الذي يقضونه مع أفراد الأسرة ، وهذا يحجب الحقيقة القائلة أن المراهقين يستخدمون الأجهزة المحمولة بشكل روتيني لإنجاز العمل المدرسي  حيث أن هذا ما ذكره الطلبة في استطلاع الرأي معهم وما ذكره أولياء الأمور عن فوائد هذه الأجهزة ومنها التواصل مع أطفالهم ، وقد علقت إحدى الأمهات في أحد المواقع الالكترونية : أنها التقطت صورة سخيفة مع ابنها البالغ من العمر (8أو 9 ) سنوات في برنامج " سناب  شات " وأرسلتها إلى أفراد الأسرة والأصدقاء ، وتأمل أن يكون ذلك متعة من خلال التواصل مع الأطفال ، لذا ليس كل ما في هذه الأجهزة سيء وإنما يمكن أن يكون جيداً مثل استخدام موقع "  Skyping " للتواصل مع  أولياء الأمور والبحث عن الحلول للمشكلات الاجتماعية  والتفاعل مع الآخرين والاستفادة من تجاربهم في الحياة ، ولهذا أكدت الكاتبة على الاستفادة من هذه الأجهزة بدلاً من إلقاء اللوم عليها .

أخيراً لا يمنع من قراءة الكتاب مثل هذا الأب الذي لديه طفل عمره (6 ) سنوات ودون بعض النصائح المفيدة في تربية الأطفال في عصر الانترنت وقد تؤيد كلامي أنه كتاب رائع وأنه يمكن حل المشكلات التي تصدر من الطلبة بعد غرس صفة التسامح في نفوسهم ومع ذلك الأمر ليس سهلاً ويحتاج إلى تكثيف الجهود مع الجميع ، ولا بأس بالاطلاع على موقعنا : المسار للبحوث التربوية والاجتماعية والاستفادة من النصائح والتوجيهات الأخرى في الحد من السلبيات التي تواجه الأطفال والمراهقين  .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق