الأربعاء، 12 يوليو 2017

تأثير التكنولوجيا على نمو الطفل





تأثير التكنولوجيا على نمو الطفل
The Impact of Technology on the Developing Child
بقلم /   Cris Rowan
29/7/ 2013
ترجمة وتعليق الباحث/ عباس سبتي
يونيو 2017


كلمة المترجم :
الكاتبة " Cris Rowan  " لها كتاب مشهور  بعنوان "   Virtual Child " أي الطفل الافتراضي حتى قيل يجب ان يقرأه كل أب ومربي ، وهي مربية وطبيبة أطفال ومعالجة لسلبيات أجهزة التكنولوجيا ، لديها فهم مباشر ومعرفة بكيفية حدوث تغييرات عميقة للتكنولوجيا  على تنمية الطفل وسلوكه وقدرته على التعلم ، ولها مقالات أخرى ترجمها ، هذا ولدينا محاضرات عن تأثير الأجهزة اللمسية على الأطفال في اليوتيوب يمكن الاطلاع عليها كي يهتم اولياء الأمور بصحة أطفالهم الجسدية والنفسية والاجتماعية .

مقدمة :
تذكر الأيام الخوالي ( الماضية ) عندما كنا في مرحلة النمو ( الطفولة ) لرحلة ذاكرة تستحق أخذها  خاصة عند محاولة فهم القضايا التي تواجه أطفال اليوم ،  فقبل 20 عاما فقط، كان الأطفال يلعبون خارج المنزل في كل  يوم  من ركوب الدراجات ولعب الكرة  وبناء الحصون وممارسة الألعاب الوهمية، وأطفال الماضي يجدون أنواع اللعب الخاصة  التي لا تتطلب معدات مكلفة أو إشراف الوالدين ،  أطفال الماضي ينتقلون بين  عالمهم الحسي الطبيعي البسيط ، وكان وقت الأسرة ينفق في كثير من الأحيان القيام بالأعمال المنزلية، وكانت مطالب الأطفال تلبى على أساس يومي ، كانت طاولة غرفة الطعام مكانا مركزيا حيث تجتمع العائلات لتناول الطعام والتحدث عن حوادث يومهم ، وبعد وجبة للعشاء تصبح هذه الطاولة  مكاناً لإعداد الخبر والصلطة  وصنع الحرف اليدوية وبقية الواجبات المنزلية.

تأثير اجهزة التكنولوجيا :
عائلات اليوم تختلف حيث أثرت التكنولوجيا على أسرة القرن ال 21  في تحطيم قواعدها  وتسبب في تفكك القيم الأساسية التي كانت قائمة عليها منذ فترة طويلة ، فقد اعتمد الآباء الآن بشكل كبير على الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لجعل حياتهم أسرع وأكثر كفاءة. وقد تقدمت تكنولوجيا الترفيه (التلفزيون، والإنترنت، وألعاب الفيديو، وأجهزة إيباد، والهواتف الخلوية) بسرعة كبيرة حيث لاحظت الأسر بالكاد الأثر الكبير والتغيرات التي طرأت على هيكل الأسرة وأنماط حياتها ، وأظهرت دراسة أجرتها مؤسسة "  Kaiser "  2010 أن الأطفال في سن المدرسة الابتدائية يستخدمون 7.5 ساعة في اليوم من تكنولوجيا الترفيه، و 75 في المئة من هؤلاء الأطفال لديهم تلفزيون في غرف نومهم، و 50 في المئة من منازل أمريكا الشمالية لديها التلفزيون يعمل على مدار اليوم ، ولم يعد هناك وقت لجلوس أفراد الأسرة معاً حل مكانه ما يعرف ب "الشاشة الكبيرة" .

الأطفال يعتمدون الآن على التكنولوجيا في لعبهم التي تعد تحداً من تحديات إبداعهم وخيالهم، فضلا عن أنها تشكل تحدياً من التحديات التي تواجه أجسادهم لتحقيق التنمية الحسية والحركية المثلى ، وكثرة جلوسهم تتسبب في التحفيز الحسي الفوضوي وإلى تأخر في تحقيق معالم نمو الطفل ومع ما يترتب على ذلك من أثر سلبي على المهارات الأساسية في مجال محو الأمية لديهم وبالتالي أطفال اليوم يدخلون المدرسة وهم يكافحون كيفية التنظيم الذاتي وتعلم المهارات اللازمة للتعلم، في نهاية المطاف تصبح المشاكل السلوكية تحدياً كبيرا تواجه المعلمين في الفصول الدراسية  .

فما هو تأثير التكنولوجيا على الطفل النامي؟ أن نمو الأطفال الحسي والحركي والعاطفي لم يتناسب مع تطور بيولوجيا لاستيعاب هذه الطبيعة المستقرة ، والاستخدام المحموم والفوضوي للتكنولوجيا ، وحيث أثر التقدم السريع في التكنولوجيا على الطفل في ظهور الاضطرابات البدنية والنفسية والسلوكية التي بدورها تؤثر على أنظمة الصحة والتعليم والتي بدأت للتو تكتشف لم يعرف عنها إلا القليل ,  وأصبح الأطفال يعانون من  السمنة المفرطة وداء السكري و الآن هي أوبئة محلية وطنية في كل من كندا والولايات المتحدة، وهي ذات علاقة سببية بالإفراط في استخدام التكنولوجيا ،  إن تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والتوحد واضطراب التنسيق والتأخر في النمو والكلام غير المفهوم والصعوبات في التعلم واضطراب المعالجة الحسية والقلق والاكتئاب واضطرابات النوم ترتبط أيضا بزيادة استخدام التكنولوجيا وهي تتزايد بمعدل ينذر بالخطر ، وبنظرة أوثق على العوامل  المساعدة لنمو الطفل وما يترتب على ذلك من أثر التكنولوجيا على تلك العوامل يمكن أن تساعد الآباء والمعلمين والمهنيين الصحيين على فهم أفضل لتعقيدات هذه المسألة وتساعدهم في وضع استراتيجيات فعالة للحد من استخدام التكنولوجيا .

أربعة عوامل حاسمة ضرورية لتحقيق نمو الطفل الصحي هي الحركة، حاسة اللمس ، التواصل والتعرض للطبيعة ، هذه الأنواع من المدخلات الحسية ضمان التطور الطبيعي لأعضاء الجسم  والتنسيق الثنائي والتنظيم الذاتي اللازمة لتحقيق المهارات الأساسية لدخول المدرسة في نهاية المطاف ، ويحتاج الأطفال الصغار ما بين "  2-3  " ساعات في اليوم من اللعب  العفوي ( اللهو ) لتحقيق التحفيز الحسي لنظامهم السمعي والبصري ،  تقوية الشعور الحسي عن طريق اللمس والتعانق واللعب  أمر بالغ الأهمية لممارسة التمرين  أو أنماط الحركة المخطط له ، . اللمس أيضا ينشط نظام الأعصاب وخفض الكورتيزول، الأدرينالين والقلق،  واللعب في الهواء الطلق ( الطبيعة ) أو ما يسمى  "الفضاء الأخضر" ليس فقط له تأثير مهدئ على الأطفال، ولكن أيضا ينعش انتباه الطفل ويعزز تعلمه .

ومعرفة تحليل تأثير التكنولوجيا على نمو الطفل تشير إلى عدم تحفيز النظام اللمسي والحسي الذي يؤثر على حاستي البصر والسمع وهذا الاختلال الحسي يخلق مشاكل كبيرة في تنمية نظام الأعصاب ، كما يتم تغيير تشريح الدماغ والكيمياء والمسارات بشكل دائم ، ويصبح سلوك  الأطفال الصغار العدواني نتيجة تعرضهم لبرامج  التلفزيون وممارسة ألعاب الفيديو هم في حالة عالية من الأدرينالين والإجهاد، حيث أن الجسم لا يعرف أن ما يراقبونه ليس حقيقيا ، والأطفال الذين يفرطون في استخدام التكنولوجيا يشبعون إحساسا مستمرا في الجسم من "الهز" بشكل عام، وزيادة في التنفس ومعدل ضربات القلب، وحالة عامة من "عدم الارتياح". ويمكن وصف ذلك على أنه أفضل نظام حسي فرط مستمر، لا يزال "في حالة تأهب" للهجوم القادم ، في حين أن الآثار على المدى الطويل من هذه الحالة المزمنة من الإجهاد في الطفل غير معروفة، ونحن نعلم أن الإجهاد المزمن في البالغين يؤدي إلى ضعف الجهاز المناعي ومجموعة متنوعة من الأمراض والاضطرابات الخطيرة.


من المهم أن نجتمع معا كأولياء الأمور والمعلمين والمعالجين لمساعدة المجتمع على "الاستيقاظ" ورؤية الآثار المدمرة التكنولوجيا ليس فقط على صحة الطفل الجسدية والنفسية والسلوكية، ولكن أيضا على ضعف قدرتهم على التعلم والحفاظ على شخصيتهم السوية  وضعف علاقة الأفراد ،  في حين أن التكنولوجيا هي قطار من شأنها أن تتحرك باستمرار إلى الأمام، والمعرفة بشأن آثاره الضارة، والإجراءات المتخذة نحو تحقيق التوازن بين استخدام التكنولوجيا مع العوامل الحاسمة للتنمية من أجل الحفاظ على أطفالنا ، ولا يمكن لأحد أن يجادل فوائد التكنولوجيا المتقدمة في عالم اليوم، إلا أن الانشغال بهذه الأجهزة يعني انقطاع الأطفال عن قيم المجتمع ومعرفة أهميتها ،  بدلا من هذا التعانق واللعب والتحدث مع الأطفال، فقد يلجأ الآباء بشكل متزايد إلى تزويد أطفالهم بمزيد من التلفزيون وألعاب الفيديو وأحدث أجهزة إيباد وأجهزة الهاتف الخليوي، مما يخلق هوة عميقة لا رجعة فيها بين الوالدين والأطفال .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق