الثلاثاء، 12 يوليو 2016

الحرب ضد العنف





الحرب  ضد العنف
Taking Stock of America’s “War on Bullying
مركز بحوث التسلط
ترجمة الباحث / عباس سبتي
يونيو 2016

             أعلنت إدارة أوباما الحرب على العنف في خريف عام 2010 ، عندما عقدت أول مؤتمر لمكافحة العنف / التسلط ، وفي عام 2011 وقد تم طرح وإنشاء موقع " stopbullying.gov " ، هذا ولقد حضرنا المؤتمر في البيت الأبيض حيث قال أوباما : إذا لم يكن هناك هدف واحد للمؤتمر فأن تبديد أسطورة العنف هو عبارة طقوس لا تضر في حياة أجيالنا ، ومنذ ذلك الحين تم توجيه الموارد الكثيرة نحو مختلف البرامج والمبادرات مما أدى إلى ما يمكن وصفه بأنه " مجمع العنف الصناعي " ، حيث أن معظم الشركات تقدم الحلول البسيطة للتسلط ، فهل هذه الحلول مفيدة ؟

الدروس المستفادة من جهود نظام العدالة الجنائية :
منذ (40) سنة نشر عالم الاجتماع " Robert Martinson " مقالة غيرت مجرى التاريخ أو على الأقل غيرت تاريخ النظام القضائي الأمريكي ، فقد سعى للتأكيد على فاعلية البرامج التي كانت تستخدم  لإعادة تأهيل هؤلاء الذين ينتهكون القانون ، وبعد مراجعة أدلة التقييم المتوفرة قال في استنتاجاته " مع وجود استثناءات قليلة ومعزولة فان جهود إعادة التأهيل التي تم الإبلاغ عنها حتى الآن ليس لها تأثير على المجرمين ، ونشر ذلك من قبل الساسة في وسائل الأعلام بعنوان " لا شيء يعمل " ، إذا كانت تويتر موجودة في ذلك الوقت يمكنك الرهان على ذلك .

تأثير هذه المقالة يمكن رؤيته في أعداد السجون المتزايدة بالولايات المتحدة ، فورقة "  Martinson " أصبحت لها  قوة مغناطيسية التي دفعت بالعقوبات بعيداً وتم التركيز على النموذج الطبي في علاج الأسباب الكامنة وراء ارتكاب الإنسان الجريمة .

محاولات منع التسلط عام 2015 :
قد يقول بعض نحن في اللحظة الأخيرة ل "  لنحترم محاولات "  Martinson "   في الحد من التسلط حيث أن عمل الولايات والحكومات الفيدرالية بأمريكا دفع الخطاب العام بشأن العنف نحو الأمام ، وفي نفس الوقت  استمر ربط الأحزمة بالمدارس واستعداداتها للحد من حالات العنف ، وطرحت العديد من برامج ومبادرات وحملات الوقاية من العنف ، لكن للأسف فأن قليلاً من الجهود تم تقييمها بدقة بينما الكثير منها لم تحقق المكاسب الكبيرة ، إذا كنت تعتقد أن البحوث التي أجريناها للحد من العنف خلال عقدين من الزمان الأخيرة لم تسفر عن النتائج المرجوة فقد لخصت رئيسة الفريق البحثي  بجامعة "   Illinois " ورقة عام 2013  بالقول" كان تأثير برامج الوقاية من العنف في  الولايات المتحدة مخيب للآمال " .

تحليل ملفات عشرات بشان تقييم برامج الوقاية قد توصل إلى نفس النتيجة : لا شيء يعمل .وأكثر ما يقلق ما نشر بدراسة في السنة الماضية وأشارت إلى أن المدارس التي طبقت هذه البرامج عملت الأسوأ ، فالطلبة الذين يدرسون في المدارس التي طبقت هذه البرامج هم أكثر ضحايا العنف من قبل زملائهم مقارنة مع الطلبة الذين لا تطبق مدارسهم هذه البرامج ، وقد تم كشف هذه النتائج وسائل الأعلام وعلقت عليها : أنها لا تفيد .

قام الباحثون في هذه الدراسة بالاطلاع على ملفات لأكثر من ( 7) آلاف طالباً في (195 ) مدرسة بالولايات المتحدة ، (65%) من طلبة  المدارس التي لديها بعض برامج الوقاية كما صرحوا أنهم ضحايا العنف جسدياً ونفسياً ، ويشتمل العنف على أنواع مختلفة من السلوك ولكن لم يتم تحديد كيف يعرف " برامج الوقاية من العنف " لذا من الصعب أن نرى في ذلك دليلاً على الفشل ، حيث أننا لم نعرف أي شيء عن هذه البرامج " الفاشلة " وتجدر الإشارة إلى أن البيانات التي جمعت خلال (10) سنوات قامت بها الحكومة الفيدرالية لحشد جهودها في مكافحة العنف .

في الآونة الأخيرة استعرض الفريق البحثي تقييم عدد (19) برنامجاً للحد من العنف ووجد هذا الفريق أن هذه البرامج كانت مفيدة للطلبة الصغار ( طلبة الفصل السابع فأقل ) ولكنها لم تنفع مع طلبة الفصل الثامن فما فوق ، قام " David Finkelhor "  وزملاؤه بجامعة " New Hampshire باستطلاع رأي (3391) تلميذاً تتراوح أعمارهم بين (5-17) سنة  بشان تعرضهم لبرامج الوقاية فوجد الباحثون قلة جودة هذه البرامج خاصة التي استهدفت الطلبة كبار السن لذا هذه الدراسة تكشف الصورة القاتمة لمشهد منع العنف بالمدارس .

إلى ماذا تقودنا هذه النتائج ؟
على الرغم من أن هذه النتائج المحبطة للآمال ، فأننا لا يجب أن نتخلى عن الأمل وبدأنا – كمركز بحوث التسلط - نتحدث مع الطلبة والمعلمين بالولايات المتحدة للتأكيد على برامج الوقاية وتعزيز صفتي التسامح واللطف بين الطلبة ، وحوارنا مع هؤلاء الطلبة جعلنا نعتقد بوجود بعض الجهود المثمرة ولكن المشكلة هي أن هذه المبادرات لم يتم تقييمها بشكل رسمي ، وباختصار نحن على ثقة بان هناك إجراءات فعالة يتم اتخاذها بالمدارس ولكن نحتاج إلى التدقيق والتوثيق والنشر .

قامت  " Maria Ttofi  " و " David Farrington  " من جامعة " Cambridge " بتحليل دقيق ل (44) برنامج الوقاية  ( باستثناء البرامج التي استهدفت العنف والعدوان عموماً ) وكشفت عن بعض الأدلة الواعدة : في المتوسط انخفضت نسبة حوادث العنف بين (20%-23%) ونسبة عدد الطلبة الضحايا بين (17%-20%) وكشفت "   Ttofi " عن تفاصيل دقيقة عناصر برامج الوقاية التي تبدو فعالة ( على سبيل المثال تدريب أولياء الأمور ومراقبة ملاعب المدرسة وإدارة الفصل ) ، واتفق " Finkelhor " وزملاؤه أن هناك نقاط مضيئة في الدراسة : انخفاض معدلات الإساءة إلى الأقران ومعدلات ارتكاب العنف بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (5-9) سنوات الذين تعرضوا إلى برامج الوقاية ذات جودة في حياتهم ، وتشتمل هذه البرامج على عروض عدة أيام وفرص الممارسة وأخذ المعلومات من الوالدين واجتماع بأولياء الأمور.

هذا يعيدنا إلى الدروس المستفادة في محاولات الحد من العنف ، وبناء لورقة "   Martinson" فأن القراء سيدركون أنه لم يقل : " لا شيء ينفع " ، فقط أن  جهودنا في إعادة التأهيل لم تمول بشكل كاف لنتوقع التغيير ، وأن مع تغيير بعض الأشياء هناك أشياء لم تتغير ، ونحن ما زلنا نمول لمبادرات الحد من العنف ، وكما هو الحال بالنسبة لكيفية منع الجريمة فأن "  Ttofi and Farrington " وجدا أن : كثافة ومدة البرنامج يرتبط ارتباطاً بفاعليته ، فلا يمكننا قضاء بعض الوقت في العام الدراسي نتحدث مع الطلبة بشان العنف ونتوقع أن الحل طويل الأجل لهذه المشكلة ، وهناك مشكلة اجتماعية معقدة تتطلب حلاً شاملاً .

هناك أيضا وجود أدلة ناشئة أن سلوكيات العنف آخذة في التناقص ( أو على الأقل لا تتزايد بشكل ملحوظ ) إذ نشرت هذه النتائج خلال استطلاع رأي لضحايا العنف بالمدارس وأفاد الطلبة الذين تعرضوا إلى العنف أن معدلات هذا العنف قد انخفض ( إلى 29،3%  إلى حسب أربع دراسات التي أجريت بين عامي (2005 و2011) ، وانخفضت معدلات التسلط الالكتروني حسب استطلاع الرأي ( من 9% من عام 2011 إلى 6،7%  في عام 2013 ) ما زال سابق لأوانه القول أن هذا بداية القضاء على التسلط أو أنه هذه النسب يعني تناقص سلوكيات التسلط في الولايات المتحدة ، وهناك مصادر وطنية أخرى للبيانات لا تعرض معدلات الانخفاض ، فبيانات نظام مراقبة الشباب على سبيل المثال وجدت أن (19،6%) من الطلبة الذين تعرضوا إلى حوادث العنف عام 2013 كانت النسبة (20،1%) في عام 2011 .

أعتقد انه من الصواب القول أن بعض البرامج قد تكون ناجحة في بعض المدارس وفي بعض الظروف ، وباختصار يمكننا القول أننا بحاجة إلى :
1-    تحديد البرامج الواعدة أو الناجحة (  حسب كثافتها ومدتها ) .
2-    تمويل هذه البرامج كي تنجح في الحد من العنف .
3-    تقييم هذه فاعلية البرامج بدقة  
كذلك يمكن للمشرعين ومتخذي القرار أن يعملوا معاً مع المناطق التعليمية للحد من العنف والتسلط ، وعندها سوف نرى انخفاض معدلات العنف في المدارس بشكل مستمر .
أقول :

لقد ترجمنا العديد من المقالات التي نشرها مركز بحوث التسلط وكنا نتواصل مع د. سميرهندوجا بخصوص ما يستجد من القضايا المتعلقة بالعنف المدرسي والتسلط الالكتروني وهي منشورة في موقعنا : المسار للبحوث التربوية والاجتماعية وعلينا ألا نيأس لهذه النتائج التي توصف بالمخيبة للآمال حيث أن أجهزة التكنولوجيا تسهم بدرجة كبيرة في تأجيج بؤرة العنف التقليدي والالكتروني لذا يجب أن نسخر هذه الأجهزة في تعليم الطلبة وتثقيفهم بخصوص مخاطر وسلبيات هذه الأجهزة ودورها في استمرار قضية العنف بالمدارس وبالمجتمعات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق